تاريخ المدينة

 

تعود جذور مدينة الكــرم إلى حقبة زمنية بعيدة، وبالتحديد إلى تاريخ نشأة قرطاج هذه المدينة الفينيقية التي ظهرت خلال القرن التاسع قبل الميلاد (سنة 814 ق.م) وقد امتد التوسع العمراني بها إلى حدود مدينة صلامبو الملاصقة لمدينة الكرم.

وقد وجدت آثار دالة على الوجود الإنساني في تلك المنطقة آنذاك وخاصة المقابر الفينيقية المقدسة…

ومن البديهي أن يكون الوجود الإنساني حاضرا كذلك بجهة الكرم لقربها من قرطاج والتصاقها بصلامبو في شكل تجمعات ريفية نظرا لشهرة هذه التربة بالخصوبة.

ثم شهدت هذه المنطقة تطورا عمرانيا ملحوظا في أواخر القرن 19 عندما شرع بعض الوزراء والأعيان وأهل الرفعة في الانتصاب بالضاحية الشمالية لمدينة تونس ليكونوا مقربين من الملك محمد باشا باي (1856 – 1859) حيث اتخذ المشير الأول محمد أحمد باشا باي من مدينة حلق الوادي مستقرا له، وبنى الوزير الأكبر مصطفى خزندار قصرا بجهة قرطاج، فيما شيد خير الدين باشا قصرا بالجهة الحاملة لإسمه.

وفي هذا الإطار، اختار الوزير مصطفى آغا منطقة الكرم ليشيد قصره الذي يعتبر أول بناية بهذه المنطقة. وشيئا فشيئا بدأت تظهر مدينة جديدة تحتوي على مساكن جميلة تحيط بها حدائق غناء تحتضن أغلبها شجر التين.

وقد اقترنت مدينة الكرم بأسماء المشاهير أمثال مصطفى آغا الثاني شاعر الطبيعة والرومانسية ومحمد الشاذلي خزندار أمير الشعراء الذي اقترن اسمه بالحركة الوطنية لالتزامه بالدفاع عن القضية التونسية وعن ملوكها الوطنيين، وجلال الدين النقاش الشاعر المعروف الذي اقترنت باسمه أشهر الأغاني التونسية. كما احتضنت مدينة الكرم ولمدة طويلة فنان تونس الأول ” شحرور الخضراء” علي الرياحي والفنانة عليا.

و تتميز مدينة الكرم بموقعها الإستراتيجي باعتبارها منطقة سياحية واقتصادية هامة وتمثل نقطة عبور رئيسية بين حلق الوادي و قرطاج.

 

وتمثل المدينة كذلك إطارا جميلا بمساحتها الخضراء الممتدة وقصورها المطلة على الشاطئ التي تعود إلى عشرات السنين وبناأتها المتناسقة المنتصبة في الجزء الشرقي، فضلا عن الحركية الدؤوبة التي تميزها وخاصة خلال فصل الصيف.